إن اتباع السنة منجاة غدا بين يدى الله تعالى و سبب لورود حوض النبي صلى الله عليه و سلم و حصول الشفاعة بعد رحمة الله تعالى و إذنه .
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - : " و تأمل قوله تعالى لنبيه : { و ما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم } كيف يفهم منه أنه إذا كان وجود بدنه و ذاته فيهم دفع عنهم العذاب و هم أعداؤه ، فكيف وجود سره و الإيمان به و محبته و وجود ما جاء به إذا كان في قوم أو كان في شخص ؟ أفليس دفعه العذاب عنهم بطريق الأولى و الأحرى ؟ " .
و اعلم أن الخير كله في اتباع هدى نبينا محمد صلى الله عليه و سلم و اقتفاء آثاره في أقواله
و أفعاله . وعليك بالتمسك بالسنة فإنها النجاة و العصمة ، و احذر أن تقدم على سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم كلام أحد من الناس كائناً من كان ، قال ابن مسعود - رضي الله عنه - : ( نحن قوم نتبع و لا نبتدع و نقتدي و لا نبتدي و لن نضل ما إن تمسكنا بالأثر ) .
و قال الأوزاعي - رحمه الله - : (عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول ) .
و اعلم أن المتمسك بسنة النبي صلى الله عليه و سلم ينتفع الناس بعلمه و عمله في حياته و بعد موته ، و أن صاحب الهوى مقطوع العمل ليس لعمله و لا علمه دوام و لا بركة ، و هذا مصداقا لقول الله تعالى : ( إن شانئك هو الأبتر) شانئك : مبغضك ، الأبتر : المقطوع .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( و كل من شنأ شيئا مما جاء به النبي صلى الله عليه و سلم كان له نصيب من هذه الآية ، حتى قيل لأبي بكر بن عياش : إن هاهنا في المسجد أقواما يجلسون للناس . فقال : من جلس للناس جلس الناس إليه ، و لكن أهل السنة يموتون و يبقى ذكرهم ، و أهل البدعة يموتون و يموت ذكرهم ) .
و اعلم أن السنة النبوية سفينة النجاة و بر الأمان ، حث النبي صلى الله عليه و سلم على التمسك بها و عدم التفريط فيها فقال : ( فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَ إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ) رواه أبو داود (4607) و صححه الألباني في صحيح أبي داود .
و حين يكثر الشر و الفساد ، و تظهر البدع و الفتن ، يكون أجر التمسك بالسنة أعظم ، و منزلة أصحاب السنة أعلى و أكرم ، فإنهم يعيشون غربة بما يحملون من نور وسط ذلك الظلام ، و بسبب ما يسعون من إصلاح ما أفسد الناس ، يقول النبي صلى الله عليه و سلم : ( إِنَّ الإِسلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا ، وَ سَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ . قِيلَ : مَن هُم يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الذِينَ يَصلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ ) أخرجه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (1/25) من حديث ابن مسعود ، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1273) و أصل الحديث في صحيح مسلم (145)
و يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( َإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْر ، الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ ، - وَ زَادَنِي غَيْرُهُ - قَالَوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ ؟! قَالَ : أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ ) رواه أبو داود (4341) والترمذي (3058) وقال : حديث حسن ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (494) وفي بعض روايات الحديث قال : ( هم الذين يحيون سنتي ويعلمونها الناس ) .
و التمسك بالسنة يعني أمورا :
1 - القيام بالواجبات و اجتناب المحرمات .
2 - اجتناب البدع العملية و الاعتقادية .
3 - الحرص على تطبيق السنن والمستحبات بحسب قدرته و استطاعته .
4 - دعوة الناس إلى الخير و محاولة إصلاح ما أمكن .
الموضوع منقول