بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله الطاهرين و صحابته أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
و الله أردت أن أدلي برأيي في موضوع الحرية الشخصية للفرد و ما هي حدودها التي يجب على الفرد أن يقف عندها و لا يتجاوزها ؟
عندما تكون تسير في الشارع وترى إنسانا يفعل قبيحا أو منكرا و تريد أن تنهاه أو تنصحه يقول لك بأنه حر يفعل ما يشاء ، أريد أن أسأل : هل الحرية تبيح لنا أن نتكلم في أعراض الناس ؟ هل الحرية تبيح لنا أن نأكل أموال الناس ؟ هل الحرية تبيح لنا أن نظلم الناس ؟ هل الحرية تبيح لنا أن نسرق أو نعتدي على أملاك الناس ؟ هل الحرية تبيح لنا أن نجهر و نفتخر بالمعصية أمام الناس ؟ لا ، هذه ليست حرية ، لماذا ؟ لأن الإسلام الذي يكفل حرية الفرد و حرية الرأي يحرم الجهر بالسوء من القول لقوله تعالى ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) و يحرم الكذب و شهادة الزور و اغتياب الآخرين و تجريحهم و التنابز بالألقاب و السخرية من الناس لقوله تعالى ( يا أيا الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم و لا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن و لا تلمزوا أنفسكم و لا تنابزوا بالألقاب بيس الاسم الفسوق بعد الإيمان و من لم يتب فأولئك هم الظالمون ) .
و من هذا كله يتبين لنا أن الحرية الحقيقية المشروعة إنما تكون في إطار الشعور بالمسؤولية لقول الله تعالى ( كل نفس بما كسبت رهينة ) و لقول الرسول عليه الصلاة و السلام " كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته " فكل إنسان مسؤول عن عمله و قوله ، و بهذا يعلم الإنسان أن كل عمل يقوم به أو قول يقوله هو محاسب عليه أمام الله و مسؤول عن أثر قوله و فعله في مجتمعه واضعا نصب عينيه حقوق الآخرين و مصلحة المجتمع .
و لكي لا يصبح المجتمع عرضة للانحلال الخلقي و الفساد الأخلاقي وجب على أفراد المجتمع أن يكونوا عينا ساهرة عليه و أن يضربوا على يد كل من أساء استعمال حريته المكفولة له و أن يوقفوه عند حده و معاقبته على فعله إن اقتضى الأمر ذلك و هذا ما بينه لنا الرسول عليه الصلاة و السلام في قوله " مثل القائم على حدود الله و الواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها و بعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا و لم نؤذ من فوقنا ، فإن تركوهم و ما أرادوا هلكوا جميعا ، و إن أخذوا على أيديهم نجوا جميعا " .