السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مذاهب العلماء في الترتيب في قضاء الصيام ، و ما يلزم من تأخيره
رقم الفتوى: 320329
السؤال :
أنا قمت بعدّ عدد الأيام التي لم أقم بقضاء الصيام عنها في السنوات السابقة بسبب الدورة الشهرية، و لكن سؤالي: هل يجب أن أنتهي من صيام كل تلك الأيام قبل قدوم رمضان القادم ؟ علمًا أنني أريد صيام ما يقارب من 60 يومًا ! و إذا تركت جزءًا من هذه الأيام للسنة الجديدة ( أقصد بعد رمضان القادم ) ، هل هذا جائز أم غير مقبول ؟ و شكرًا كثيرًا لكم .
الإجابــة :
الحمد لله و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه و من والاه ، أما بعد :
فيجب عليك قضاء كل ما أفطرتِه من الرمضانات السابقة و رمضان الأخيرِ قبل دخول رمضان القادم ؛ قال الماوردي الشافعي: إِذَا أَفْطَرَ أَيَّامًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ ، فَالْأَوْلَى بِهِ أَنْ يُبَادِرَ بِالْقَضَاءِ ، وَ ذَلِكَ مُوَسَّعٌ لَهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ رَمَضَانُ ثَانٍ ، فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ ثَانٍ صَامَهُ عَنِ الْفَرْضِ ، لَا عَنِ الْقَضَاءِ ، فَإِذَا أَكْمَلَ صَوْمَهُ قَضَى مَا عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي حَالِهِ ، فَإِنْ كَانَ أَخَّرَ الْقَضَاءَ لِعُذْرٍ دَامَ بِهِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، وَ إِنْ أَخَّرَهُ غَيْرَ مَعْذُورٍ فَعَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ الْكَفَّارَةُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِمُدٍّ مِنْ طَعَامٍ ، وَ هُوَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ ، وَ بِهِ قَالَ مَالِكٌ ، وَ أَحْمَدُ ، وَ إِسْحَاقُ ، وَ الْأَوْزَاعِيُّ ، وَ الثَّوْرِيُّ ... اهــ.
و الترتيب في قضاء الصوم واجب كالترتيب في قضاء الصلوات ، كما نصّ عليه أهل العلم ، فتصومين رمضانات السابقة بالترتيب ، ثم رمضان الأخير بعدها ؛ قال في كشاف القناع في اشتراط الترتيب بالنية : بِنِيَّةِ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ مِنْ الرَّمَضَانَاتِ ( شَهْرٌ عَلَى إثْرِ شَهْرٍ ) أَيْ : شَهْرًا بَعْدَ شَهْرٍ يُرَتِّبُهَا بِالنِّيَّةِ ( كَالصَّلَاةِ إذَا فَاتَتْهُ ) . نَقَلَهُ مُهَنَّا . أَيْ : فَإِنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ وَاجِبٌ ، فَكَذَا بَيْنَ الرَّمَضَانَاتِ إذَا فَاتَتْ . اهـ.
و جاء في فتاوى اللجنة الدائمة : و يكون القضاء مرتبًا ، فتصوم الأيام التي أفطرتها من الشهر الأول ، ثم الثاني ، و هكذا . و تطعم عن تأخير القضاء عن كل يوم إطعام مسكين ، و مقداره كيلو و نصف من البرّ أو الأرز أو التمر أو غير ذلك مما يقتاته أهل البلد اهـ.
و يرى بعض الفقهاء أن الترتيب في قضاء الصيام لا يجب ؛ قال في منح الجليل : وَ مَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَيْنِ بَدَأَ بِأَوَّلِهِمَا ، وَ إِنْ عَكَسَ أَجْزَأَ . اهـ.
ولا شكّ أن الأول أبرأ وأحوط، فاجتهدي في قضاء ما عليك من الستين يومًا قبل أن يدخل رمضان القادم، وقد كان الواجب عليك أن تقضي الرمضانات السابقة، كل رمضان قبل دخول الذي يليه ، فإن أخّرت شيئًا من رمضان الأخير حتى دخل الذي يليه بغير عذر ، فعليك مع القضاء كفارة عن كل يوم ، و ما أخرتِه بعذر فلا يلزمك عنه إلا القضاء ، و كذلك القول في الرمضانات السابقة ؛ ما أخّرت منه حتى دخل رمضان التالي بدون عذر ففيه الكفارة ، و هي كفارة واحدة لا تتعدد بدخول أكثر من رمضان ، و انظري الفتوى رقم : 163065 ، و الفتوى رقم : 172047 .
و الله تعالى أعلم .
إسلام ويب