قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " إن سب الله أو سب رسوله كفر ظاهراً و باطناً سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرما أو كان مستحلا له أو ذاهلا عن اعتقاده ؛ هذا مذهب الفقهاء و سائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول و عمل".
و قال ابن راهويه : ( قد أجمع المسلمون أن من سب الله أو سب رسول الله أنه كافر بذلك و إن كان مقراً بما أنزل الله ) .
و قال القاضي عياض : ( لا خلاف أن ساب الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم ) .
و قال أحمد في رواية عبد الله في رجل قال لرجل: ( يا ابن كذا و كذا - أعني أنت و من خلقك : هذا مرتد عن الإسلام تضرب عنقه ) .
و قال ابن قدامة : ( من سب الله تعالى كفر ، سواء كان مازحا أو جادا ) .
و سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حكم سب الله ، فقالت :
سب الدين و الاستهزاء بشيء من القرآن و السنة و الاستهزاء بالمتمسك بهما نظرًا لما تمسك به كإعفاء اللحية و تحجب المسلمة ؛ هذا كفر إذا صدر من مكلف ، و ينبغي أن يبين له أن هذا كفر فإن أصر بعد العلم فهو كافر ، قال الله تعالى : ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ )
اللجنة الدائمة للإفتاء
سب الدين - و العياذ بالله - كفر بواح بالنص و الإجماع ؛ لقوله سبحانه : ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَ رَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) ، و ما ورد في معناها ، و يجب أن ينصح و ينكر عليه ذلك ، فإن استجاب فالحمد لله ، و إلا فلا يجوز أن يبدأ من يسب الدين بالسلام ، و لا يرد عليه إن بدأ ، و لا تجاب دعوته ، و يجب هجره هجرًا كاملًا حتى يتوب أو ينفذ فيه حكم الله بالقتل من جهة ولي الأمر ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « من بدل دينه فاقتلوه » خرجه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، و لا شك أن المنتسب للإسلام إذا سب الدين فقد بدل دينه .
و سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء الفتوى رقم ( 7150) :
س 2 : يقال : إن الردة قد تكون فعلية أو قولية ، فالرجاء أن تبينوا لي باختصار واضح أنواع الردة الفعلية و القولية و الاعتقادية ؟
ج 2: الردة هي الكفر بعد الإسلام ، و تكون بالقول ، و الفعل ، و الاعتقاد ، والشك ، فمن أشرك بالله ، أو جحد ربوبيته أو وحدانيته أو صفة من صفاته أو بعض كتبه أو رسله ، أو سب الله أو رسوله ، أو جحد شيئًا من المحرمات المجمع على تحريمها أو استحله ، أو جحد وجوب ركن من أركان الإسلام الخمسة ، أو شك في وجوب ذلك أو في صدق محمد صلى الله عليه و سلم أو غيره من الأنبياء ، أو شك في البعث ، أو سجد لصنم أو كوكب و نحوه فقد كفر و ارتد عن دين الإسلام . و عليك بقراءة أبواب حكم الردة من كتب الفقه الإسلامي فقد اعتنوا به رحمهم الله .
و بهذا تعلم من الأمثلة السابقة الردة القولية و العملية و الاعتقادية وصورة الردة في الشك.
و هذه فتوى اللجنة الدائمة رقم ( 3782 ) :
س : بعد إثبات قواعد الخمس المذكور في الحديث هل يوجد هناك شيء يكفر بعد الشرك و غيره أم لا ؟
ج : أما المكفرات فكثيرة ، و تسمى : نواقض الإسلام ، و أعظمها : الشرك بالله ؛ كدعاء الأموات ، و الاستغاثة بهم ، و دعاء الأصنام و الأشجار والكواكب ، و نحو ذلك ؛ لقول النبي صلى الله عليه و سلم لما سئل: « أي الذنب أعظم ؟ قال : " أن تجعل لله ندًا و هو خلقك » الحديث متفق على صحته .
و من ذلك سب الله و رسوله و الاستهزاء بالدين ، و من ذلك جحد ما علم من الدين بالضرورة أنه واجب ، كالصلاة و الزكاة ، و جحد ما علم من الدين ضرورة أنه محرم ؛ كالزنا ، و السرقة..."
و سئل العلامة ابن عثيمين:
رجل سب الدين هو في حالة غضب شديد ، فما حكمه ؟ و ما هي شروط التوبة من هذا الفعل ؟ و هل ينفسخ نكاح زوجته ؟
الحمد لله
" الحكم فيمن سب الدين الإسلامي أنه يكفر ، فإن سب الدين و الاستهزاء به ردة عن الإسلام و كفر بالله عز و جل و بدينه ، و قد حكى الله عن قوم استهزؤوا بدين الإسلام حكى الله عنهم أنهم كانوا يقولون : إنما كنا نخوض و نلعب ، فبين الله عز و جل أن خوضهم هذا و لعبهم استهزاء بالله و آياته و رسوله ، و أنهم كفروا به فقال تعالى : ( وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَ آيَاتِهِ وَ رَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) ( التوبة 65 / 66 ) .
فالاستهزاء بدين الله ، أو سب دين الله ، أو سب الله و رسوله ، أو الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة و مع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه ، لقول الله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ( الزمر/53 ) .
فإذا تاب الإنسان من أي ردة كانت توبةً نصوحاً استوفت شروط التوبة الخمسة ، فإن الله يقبل توبته .